بقلم د. محمد الكومى
الإمتناع عن الطعام لمدة محدودة هو واجب فى كل الأديان تقريبا، ولكن ليس فقط الإمتناع عن الطعام فقط، بل عن ملذات أخرى ترتبط بإحتياجات الجسد أكثر منها إحتياجات الروح.
لم يفرض الصيام من أجل تعذيب الإنسان وحرمانه من الطعام والشراب فقط، فلا توجد عبادة إلا وتعالج جانب معين فى حياة البشر بقصد الإرتقاء إلى مرتبة الإنسان.
قد يقول البعض إذا كان الغرض هو الإحساس بالفقير وآلامه، فلم لا نطعم الفقير ونطعم أنفسنا ولا داعى للصوم، ولكن جوع الفقير ليس له ميعاد معلوم ليطفئ لهيب جوعه، ربما يجد لقيمات تكفيه يومه وربما لا يجد، أما من كان فى رزقه سعة فهو يعلم متى يأكل ومتى يشرب. ربما نعرف قيمة النعم إذا فقدناها ولو إلى حين.
ربما إذا نظرنا بشكل حيادى لفوائد كل عبادة، نجد أن الفوائد روحية وجسدية، فنجد الصيام المتقطع هو خير طبيب للكثير من الأمراض، حيث يتخلص الجسد من الأجسام الحرة ويقوم بعمل صيانة للجسد، وربما كم الأمراض الناتجة عن كثرة الطعام هى أكثر بكثير من أمراض قلة الطعام، وهناك ميزان الطعام والشراب بأن نأكل وأن نشرب ولكن لا نسرف، فالماء قد جعل منه كل شيئ حى، ولكن الإسراف فى شرب الماء قاتل.
قد يقول البعض إنه صائم، ويبدوا متوترا وعصبيا إذا كان مدخنا شرها أو يشرب الكثير من القهوة مثلا، قد نتفهم ألم التوقف فجأة عن أشياء إعتاد عليها الجسد ، ولكن الصيام لم يفرض إلا لرقى الأخلاق، وتهدئة للنفس.
قد يرى البعض أن أيام الصيام هى أيام ضائعة من العمر ، فمنهم من يضبط وقته أنه ينام حتى ميعاد الأفطار وكأنه يتهرب من الصيام، العمر الضائع لا يعود ولا بديل له. لم يفرض الصيام بقصد تخزين الطعام والشراب فى الجسد، فالجمل قد يفعل ذلك ، أما البشر إن حاولوا فعل ذلك فالأمر جد مضر ، حيث التعب وثقل الجسد.
الجسد فى كل الأحوال تكفيه لقيمات تقمن الصلب، و هو وجبة جاهزة للدود، ينتظر الدود بداخل الجسد حتى يقوم بإفناء ذلك الجسد وتنظيف الكون من الرمم البالية حتى وإن كان جسد الإنسان ملحه زائد، الدود لن يتوقف عن مهمته.
وإذا نظرنا لأنفسنا ونحن نلتهم الطعام سندرك كم المجهود المبذول فى مضغ وبلع الطعام وكأنها حرب.
لم يأتى الصيام لتعذيب البشر، بل أتى صونا للجسد ورفعة للروح والأخلاق، وفى النهاية كل إشراقة شمس وحضراتكم بخير وفى أتم صحة وسعادة.
إرسال تعليق