بقام :الدكتورة سعاد السيد
بقلبها الدافئ تعانقه، أعواما تترى و هي تقف أمام مرآتها، تنفث عطره بين كفيها، تتأمل رقة ملامحها، و ذلك البريق في عينيها، و خياله يمر ببالها، تستعيد كلماته: أحبكِ يا حبي الأوحد... أحبكِ...
تبتسم، تمحو كل خطيئاته، تمسك بالأوراق و القلم، تسرد له كل العذابات التي تلاحقها في بعده، ترجوه أن يقتل تلك المسافات التي غيبته، أن يزرع النور في صباح لقاء، أو يرافق ليل طويل ليسافر إلى عينيها المتعبتين بدونه...
كلمات تلهبها الدموع فيشتعل رماد الانتظار، يتمرد، يصرخ، تتعالى شهقات الخوف، تطوي رسالتها، تدسها لقلبه مثل سابقاتها، ثم ترنو للفضاء البعيد، و هي تتوشح لباس الصبر، لا يصرفها عن التحليق في عينيه شدو العنادل، ولا خفق النسور،
تقف في محراب حبها له صائمة قانتة...
أتى الخريف هذا العالم يشبه غابات إبينغ، يتسلل الخوف من بين أيامه ليلقي بشباك الوحشة في صدرها الكليم، هي جميلة كشجرة صنوبر لم يمسسها بشر، شريدة في غابة منسية، تطير كل رسائلها كأوراق الشجر الحزينة، تتعلق بآخر حلم، و على موسيقا شوبرت الكلاسيكية، ترقص كفراشة تحتضر، تقبّل الأرض التي تميد تحت أرجلها، تودع شعاع الشمس الشاحب الذي وصل تَوًّا يآزر رحيلها، تسكب آخر عبرة من حياتها، ثم في آخر لفظة للروح، تجذبها روح أخرى....
روح ناعمة، تتدثر بها، تتدفق منها حياة، يمتزجان، تحلق، تسمو، تسرج لهما الحياة قصيدة من نار قلبيهما، يهجران كل المدن القديمة، و يسكنان كنبل المعاني بين الحروف.
إرسال تعليق