بقلم/ يوسف سيد.
الطقس حار في ذلك البلاد، ولكنه داف فدائما لا نشعر في بلادنا بتلك الحرارة المشتعلة فنحن نعيش على أقطار كوكب بارد طوال العام، جاك ضابط طبيب بالجيش الإنجليزي جئنا هنا لكي نحقق هدفنا الأعظم وهو ضم العالم لمملكتنا العظيمة، والآن مصر تحت قبضتنا وقريبًا العالم، نحن يد المملكة وكرامتنا من كرامتها..
نحن الجهة الأعظم في ذلك البلاد لا يستطيع أي جرذ رفع طرف عينه حتى فينا والآن نحن في المنوفية لتنفيذ مهمة تأمين وُكلنا بها.
- جاك ألا تريد الصيد؟!
- بالطبع هيا بدلًا من ذلك الملل.
- لنسأل ذلك الشخص هناك ونرى مكان يصلح للفكرة.
- حسنًا وإذا لم تجد فالبشر هنا كُثر نسطيع التجربة عليهم. ( ضاحكًا)
- أحبذا هذا.
نظر سام في كل مكان حتى وجد راجل فأشار له بالاقتراب، ثم كلمه بلهجة عربية غير متقنة.
- نريد مكان لصيد؟!
- إذا كنت تريد الحيوانات البرية فالأماكن في الخلاء كثيرة.
- لا نريد شيء أصعب، شيء يطير لا أعرف ما تسموه ولكن طيور.
- حمام تقصد؟!
- نعم هو.
- عليك وعلى دنشواي فهي أهلًا للحمام.
- كم تبعد من هنا؟!
- كليو على الأكثر.
- جيدًا، شكرًا.
نظر لي سام وقال:
- وجدته وقريب من هنا، دعى الباقية وهيا.
دعونا عشرة أشخاص وتحركنا لهناك، الساعة الآن تشارف على الثانية عشر ظهرًا، وعند دخولنا قرية دنشواي وجدنا فعلًا مئات الحمام أمنة وتجلس على الجرن، فرفعت بندقيتي وأجهز نفسي لكي أصوب عليهم، آت شخص يهرول إلينا وكان يتكلم بلغته ولا نفهم شيء ما فهمته.
(لا.....نار....أطفال )
لم أفهم فقمت بتجهيز وبدأت بضغط الزناد ولكن في اللحظة الأخيرة أمسك بندقيتي فخرجت الرصاصة مخطئا الحمامة لترتكز في بطن سيدة كانت في السطح المجاور للحمام، وهنا بدأ الأمر سريعًا للغاية، وقعت السيدة وأشتعل الجرن، وجدت راجل آخر هرول لي ممسك بندقيتي ويصرخ كالمجنون قائلًا:
( الخواجة قتل المرأة وحرق الجرن).
بدأ الخوف يظهر علينا وأشهرنا أسلحتنا جميعًا وناس تتجمع وينبحون كالكلاب هم في كل مكان ونحن على المحك أنا موتهم وأما قتلنا، أطلقنا النار في الهواء لكي يبتعدوا ولكن لا شيء فأصبحوا يلقون الحجارة علينا في حالة جموع هستيري، ظهر آخرون وكانوا مسلحون وهنا أيقينا أنهم يريدون قتلنا، وهنا أشتعل فتيل الحرب بيننا وصلت الأزمة على المحك، فُجن سام فصوب على كبيرهم الذي كان يحمل السلاح فخر جثة هامدة، بدأت الأصوات تتعلى ويجتمع الناس غلينا ويهجمون وكأنهم سيل من المرضى لا يهمهم شيء غير قتلنا بكل السبل!!
لحظات تلاحم فيها كل شيء وأختلطت الجموع، صراخ وعويل، نباح كلاب، غربان، طيور، حريق، شمس، عرق، دماء....كل شيء فوضى عارمة.
أسقطوا سام والرفقة، ألقيت سلاحي وهكذا راش وركضنا بأقصى ما عندنا وخلفنا بقية أصدقائنا صرعًا!!!
أظننا ضللنا الطريق للمعسكر، الشمس حارقة، لا ماء، قوانا بدأت في التراجع بقوة، نحترق من كل شيء، وقع راش فحاولت إغاثته ولكنه قال:
- جاك أنقذ نفسك وأرحل، لا تنسى ثأر أخواتنا، فقد قتلوهم، أبنائهم ستكون في رقائبنا لو عشت، ويجب أن تعيش، ابني لا أحد له....
قالها ورحل عن العالم، تبًا لتلك الأرض ولهؤلاء الحمقى الذين قتلوا كل شيء فينا، سألقنهم درسًا لن ينسوه!!
حملت قواي وركضت حتى بدأ بصيص الأمل في الظهور وكانت بوابة المعسكر، ركضت ووقعت على بابها، فقدت الوعي.
استيقظت على صوت القائد والأطباء يقولون:
- الطبيب جاك ماذا حدث؟!
فتلاوت لهم ما حدث منذ خروجنا حتى مجيئي هنا، وهنا جن جنون القائد وجهز سرية تتحرك بمعداتها فورًا لهدم دنشواي المتمردة وإرجاع حق أخواتنا الشهداء!!
لكل واقعة عدسة ولينظر كل منا من زوية نظارته، نحن ضحايا لهؤلاء المزارعين أم هم المساكين لا أحد يعلم ولكن ما أعلمه أن لكل منا نظرته، أنا أقوم بتأدية واجبي نحو وطني ولشعبي أنا بطل مغوار تُسرد عني الأساطير، وبالنسبة لهم أن محتل معتدي، الصورة دائما ستكون ذات إختلاف ولكن في النهاية ليرى كل منا من عينه ويفسر ويقوم بما يرأه صواب، كما فعلت. ( جاك الطبيب ).
إرسال تعليق