U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

إن الذين أذوك كأنهم قطعوا ذراعيك تستطيع أن تسامحهم ولا تستطيع عناقهم - جريدة الهرم المصرى نيوز


 


كتب/ مجدى الكومى 


في حياتنا اليومية، نواجه العديد من المواقف التي تترك فينا آثاراً عميقة. من بين هذه المواقف، تأتي العلاقات الإنسانية التي تتسم بالتعقيد والتشابك. قد نحب، نثق، ثم نجد أنفسنا في مواقف تؤلمنا من أشخاص كنا نعتبرهم مقربين. حينما نتحدث عن الألم الذي يسببه الآخرون، نجد أن بعض الجراح لا تلتئم بسهولة، مما يجعلنا نتساءل: هل يمكننا حقًا مسامحة من آذونا دون أن نتمكن من عناقهم مرة أخرى؟

إن الألم النفسي الذي نشعر به نتيجة لتصرفات الآخرين قد يكون أشبه بقطع ذراعيك. الشعور بفقدان الثقة، الإهمال، عدم الاحترام  يمكن أن يترك جروحاً عميقة. إن فقدان شخص قريب بسبب تصرفاته غير المسئولة أو قلة وعيه او شعورة بأن تصرفاته غير المسئولة اصبحت حق مكتسب يمكن أن يجعلنا نشعر بالعزلة والضعف. نحن نحتاج إلى هؤلاء الأشخاص في حياتنا، ولكن عندما يؤذوننا، نشعر بأننا فقدنا جزءًا من ذواتنا.

المسامحة لا تعني نسيان ما حدث أو تقبل السلوك السلبي، بل هي عملية تحرير للنفس عندما نسامح، نحن نحرر أنفسنا من مشاعر الغضب والكراهية، ونفتح المجال للشفاء لكن، كيف يمكننا أن نسامح شخصاً آذانا بعمق دون أن نشعر بأننا نعود إلى دائرة الألم؟

عندما نقرر مسامحة شخص ما، يجب علينا أيضًا أن نكون واعين لأهمية الحدود المسامحة لا تعني إعادة العلاقة إلى ما كانت عليه بل يمكن أن تعني وضع حدود صحية تحمي أنفسنا من الأذى المستقبلي يجب أن نتعلم كيفية التعامل مع الأشخاص الذين آذونا بطريقة تحافظ على كرامتنا وتجنبنا الألم مرة أخرى.

العناق هو رمز للقبول والمحبة، لكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات التي تضررت، قد نجد أنفسنا غير قادرين على عناق أولئك الذين آذونا فالعناق يحتاج إلى ثقة، والثقة التي تمزقت تصبح صعبة الإصلاح. نحن نعيش في عالم يتطلب منّا أن نكون حذرين في اختياراتنا، لذلك فإن العناق الذي يأتي بعد الألم يتطلب وقتاً.

الشفاء من الألم الذي سببته العلاقات السلبية يتطلب وقتًا وجهدًا. يجب أن نعمل على إعادة بناء ثقتنا بأنفسنا، وأن نبحث عن مصادر الدعم. يمكن أن تكون هذه المصادر أصدقاء موثوقين، أو حتى معالجين نفسيين يساعدوننا في معالجة مشاعرنا. من خلال هذه العملية، نبدأ في استعادة قوتنا ونحقق التوازن في حياتنا.

المسامحة ليست مجرد فعل نؤديه. إنها عملية معقدة تشمل مشاعر متعددة. يجب أن نفهم أنه يمكننا أن نسامح دون أن نسمح لنفسنا بأن نتعرض للأذى مرة أخرى. هذا التوازن هو ما يجعلنا أقوى وأكثر حكمة. من خلال التعلم من تجاربنا، يمكننا تحسين اختياراتنا في العلاقات المستقبلية.

في النهاية، إن الذين أذونا هم جزء من تجربتنا الإنسانية. يمكننا أن نسامحهم، لكننا لن نتمكن من عناقهم كما كنا نفعل سابقًا. المسامحة هي عملية شجاعة، تتطلب منا أن نكون صادقين مع أنفسنا. لنستمر في النمو والتطور، يجب أن نحتفظ بذكرياتنا كدروس نتعلم منها، بينما نفتح قلوبنا للشفاء. فالحياة قصيرة، ويجب أن نعيشها بسلام داخلي، محاطين بالأشخاص الذين يستحقون مكانهم في قلوبنا.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة