كتبت /دولاء الطنطاوى
الحياة ليست ما نحياه، بل ما نتركه في قلوب الآخرين. لنا وقفه مع النفس وتجارب مع الغير مباشرة وغير مباشرة لنا أسئلة متكررة تحتاج إلى أجوبة مقنعة كل هذا وذاك يظهر جلياً في مرآة تعكس مدي احتواء القلب للقلب
فإن بعض الرفاق قد رحلوا دون عناق منهم الخل الوفي رغم الرحيل والمثال الحي لشخص لم تمنعه المحن من أن يكون مصدر إلهام وحب رغم قسوة الظروف.
لقد عاش ذو الاحساس المرهف احمد العيد في قرية صغيرة تدعى برما، التابعة لمركز طنطا، بدأت حكايته إنسان تخطّت حدود الجسد المنهك لتصل إلى أرواح كل من عرفوه. أحمد العبد، شاب ملأ حياته بالأمل رغم قسوة معاناته من مرض ضمور العضلات، الذي أصابه وهو في العاشرة من عمره.
لم يكن مرض أحمد مألوفًا لأسرته البسيطة. حين ظهرت أعراضه الأولى، بذل والده كل ما بوسعه لعلاجه. تنقل بين الأطباء والمستشفيات، لكن القدر ساقه لطبيب لا يخشى الله، استغل حالة الأسرة وجهلها بالمرض. أجرى هذا الطبيب عملية غير مبررة لسحب عضلات من قدمي أحمد بحجة البحث العلمي، دون إذن أو دراية من الأسرة. كانت هذه العملية نقطة التحوّل المأساوية في حياة أحمد، حيث تفاقم المرض وبدأ يتمكّن من جسده شيئًا فشيئًا.
رغم المعاناة، لم ييأس الأب واستمر في رحلة البحث عن علاج. كانت التحديات كثيرة، لكنها ازدادت حينما أصيبت شقيقة أحمد، سارة، بنفس المرض وهي في التسع عقود من العمر كان وقع الصدمة على الأسرة شديدًا، إلا أن الأب قرر ألا يكرر الأخطاء السابقة. توجه إلى منظمات عالمية ومراكز طبية بحثًا عن علاج لأولاده. لكنه، ورغم كل محاولاته، لم يجد أي يد عون تساعده في مواجهة هذا الابتلاء.
وسط هذا الكفاح المرير، أنهك المرض الأب الذي طالما حمل أعباء أسرته على كتفيه. توفي الأب، تاركًا خلفه زوجة مريضة وثلاثة أبناء بلا سند. هنا، تولت الأم العجوز مهمة الحياة، تحملت وحدها مسؤولية أسرتها.سعت الأم لعمل بطاقات الخدمات المتكاملة منذ بدأت ليومنا هذا لم تستخرج البطاقات بسبب موظف معدوم الضمير وقلوب متحجره وعندما طلبت المساعدة تواصل احد الأشخاص بالمكتب ولكن دون جدوى لله الأمر وحسبنا الله ونعم الوكيل
أم عظيمة تواجه الأقدار
هذه الأم نموذجًا نادرًا للعفة والصبر. رغم شدة الفقر، لم تمد يدها لقريب أو غريب، بل ظلت تكافح بما تيسر لها من معاش زوجها. كانت ترى في أبنائها أمانة يجب أن تصونها، وفي كل لحظة من حياتها كانت تثبت أن الأمومة لا تعرف المستحيل.
رغم معاناته، لم يكن أحمد شخصًا عاديًا. كان روحًا مفعمة بالإيمان والحب. لم يعرف انه كان سندا للجميع وجابر للخواطر فى حينةانه كان يطلب من السند والدعم كان أحمد دائم الدعاء لكل من حوله. أحب الجميع وكان الجميع دون حاجه . كان داعمًا لكل المنشدين والمنشدات والقراء وأصدقائه، جابرًا للخاطر، وملاذًا لكل من يحتاج الكلمة الطيبة. وهو فى أشد الحاجه إليها لايتكلم ولا يتحرك ولكن كان يمتلك وجها ضاحكا وقلب يسع الجميع
وفي صباح يوم غابت فيه شمس الأمل، فارق أحمد العبد الحياة. كان لرحيله وقع الصاعقة على كل من عرفوه. ترك بصمة لا تمحى في قلوب الجميع. كانت حياته قصيرة في مدتها، لكنها طويلة بأثرها.
ترك أحمد والدته المكلومة وأشقائه يواجهون مصيرًا مشتركًا، حيث يستمر المرض في تهديد حياتهم. ومع ذلك، ترك لهم أيضًا درسًا عظيمًا في الصبر والإيمان
حياة أحمد العبد لم تكن عادية. كانت قصة إنسان ملأ الدنيا حبًا وإيمانًا، وأضاء ظلام الحياة بنور روحه الطاهرة. قلب نابض في جسد مكسور، لكنه أقوى من كل الأجسام السليمة. أحمد العبد سيظل رمزًا للصبر والإيمان، ودرسًا نتعلم منه أن الحياة لا تُقاس بعدد السنوات، بل بما نتركه من أثر.
ولنا في الختام سؤال هل نترك العنان المقصر دون حساب أم أن من أمن العقاب قطعاً فقد أساء الأدب ثم نري ضحية أخري على الاعتاب.
إرسال تعليق