بقلم د/ شيماء احمد
إستشاري الصحة النفسية والارشاد الاسري
الزواج في الإسلام ليس مجرد عقد اجتماعي، بل هو ميثاق غليظ يقوم على الحب والمودة والاحترام المتبادل بين الزوجين. وقد أولى الإسلام المرأة عناية خاصة في الزواج، حيث جعل لها حقوقًا تحفظ كرامتها، كما فرض عليها واجبات تساهم في استقرار الأسرة. فالزواج في الإسلام ليس عبئًا على المرأة، بل هو تكريم لها وشراكة متكافئة مع زوجها.
1. الزواج تكريم للمرأة وليس إجبارًا
الإسلام أعطى المرأة الحق في اختيار زوجها، فلا يجوز تزويجها دون رضاها. قال النبي ﷺ:
“لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن.” (رواه البخاري ومسلم).
وهذا يؤكد أن الزواج يجب أن يكون برغبة المرأة، وليس بالإجبار أو الضغط من الأهل.
2. حقوق المرأة في الزواج
أ. المهر (الصداق)
المهر هو حق للمرأة، يُقدّمه الزوج لها كهدية تعبيرًا عن صدقه في الزواج. قال الله تعالى:
“وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً” (النساء: 4).
وهذا المهر ملك للمرأة وحدها، وليس لأحد التصرف فيه دون إذنها.
ب. النفقة
الزوج مُلزم شرعًا بالإنفاق على زوجته، حتى لو كانت غنية. قال النبي ﷺ:
“ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.” (رواه مسلم).
وهذا يضمن للمرأة حياة كريمة دون الحاجة إلى العمل أو تحمل الأعباء المالية.
ج. حسن المعاملة والمودة
المرأة في الزواج لها الحق في المعاملة الكريمة، فلا يجوز للرجل أن يسيء إليها أو يظلمها. قال النبي ﷺ:
“خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.” (رواه الترمذي).
وهذا يدل على أن أساس العلاقة الزوجية هو الاحترام والرحمة.
د. الحق في طلب الطلاق عند الضرر
إذا شعرت المرأة بضرر في حياتها الزوجية، فمن حقها طلب الطلاق. قال النبي ﷺ:
“أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة.” (رواه أبو داود)،
ولكن إذا كان هناك ضرر حقيقي مثل سوء المعاملة أو الإهمال، فلها الحق في الخلع أو الطلاق.
3. واجبات المرأة في الزواج
أ. طاعة الزوج في المعروف
الطاعة هنا لا تعني الاستسلام أو الإذلال، بل تعني التعاون والتفاهم. فالزوج قائد الأسرة، ولكن قراراته يجب أن تكون بالعدل والمودة. قال النبي ﷺ:
“إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت.” (رواه أحمد).
وهذه الطاعة تكون فيما يرضي الله، أما إذا أمرها بمعصية، فلا طاعة له.
ب. الحفاظ على الأسرة والبيت
المرأة شريكة في بناء الأسرة، ودورها في تربية الأبناء وإدارة البيت مهم جدًا لاستقرار الحياة الزوجية. قال النبي ﷺ:
“والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.” (رواه البخاري ومسلم).
وهذا لا يعني أنها وحدها المسؤولة عن البيت، بل يجب أن يكون هناك تعاون بينها وبين زوجها.
ج. حفظ الأسرار الزوجية
الإسلام يحث المرأة على حفظ أسرار بيتها وزوجها، وعدم إفشاء ما يدور بينهما. قال النبي ﷺ:
“إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها.” (رواه مسلم).
4. المرأة ليست مجبرة على خدمة أهل الزوج
من المفاهيم الخاطئة أن المرأة يجب أن تخدم أهل زوجها، فالإسلام لم يفرض عليها ذلك. خدمتها لأهل زوجها تكون من باب الإحسان وليس من باب الوجوب الشرعي.
5. التعدد وحق المرأة
إذا قرر الرجل الزواج بأخرى، فمن حق المرأة أن تقبل أو ترفض، ومن حقها طلب الطلاق إن لم تستطع التعايش مع الأمر. كما أن الإسلام ألزم الرجل بالعدل بين زوجاته، وإلا فإنه يقع في الإثم. قال الله تعالى:
“فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً” (النساء: 3).
الزواج في الإسلام تكريم للمرأة، وليس وسيلة لاستغلالها أو تقييد حريتها. الإسلام منحها حقوقًا واضحة تضمن لها حياة كريمة، وفي المقابل فرض عليها واجبات تساهم في استقرار الأسرة. العلاقة الزوجية في الإسلام قائمة على التوازن والعدل، بحيث يكون كل طرف سندًا للآخر، لتحقيق السعادة والطمأنينة في الحياة الزوجية.
إرسال تعليق