U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

الكاتبة الله محمد تكتب طفلي لا بد أن يحصل على الدرجة النهائية! - جريدة الهرم المصرى نيوز


 

بقلم منة الله محمد

ألن نتوقف عن توريث الألم لأطفالنا، أما زالت آثار التربية السيئة التي مررنا بها تُلاحق أطفالنا؟

"لقد أثمر مجهود والداي، كانا يُعنفاني جسديًا فنضجت أحصل على أعلى الدرجات، وأنا الآن طبيبة ماهرة، وبخير تمامًا وأربي أطفالي بنفس الطريقة حتى يُصيبهم النجاح والفلاح مثلي"

عزيزتي الأم المربية، أتدرين معنى كلمة أنكِ بخير؟

أنكِ بخير تعني أن سلامك النفسي مستقر، وغضبك غير جامح، وعصبيتك شبه معدومة، وعلاقتك بالله تعالى مستقرة، وأنكِ تقومي بدورك كمربية بشكل ممتاز ولا تبني بينك وبين ابنك سدودًا لن تستطيعي هدمها ما حييتي!

هل هذا موجود، لو كان أحد أركان جُملة بخير موجود، لما عنفتي طفلك واعترفتي بتعنيفك الجسدي والنفسي بأنه خير!

الله خلق للجسد حرمة، وأنت تتعدين على حرمة جسد ابنك!

"أنا من أنجبت هذا الجسد ولي الحق في تربيته وتهذيبه كيفما شئت"

عزيزتي المربية، أتفهم كون ابنك قطعة منكِ، أتعذبين روحًا بريئة أخرجها الله تعالى من روحك؟

أوليس هذا العُذر هو نفسه السبب كي تُحسني معاملته وتحتويه؟

فلذة كبدك، قطعة من روحك، لا تؤذيه وتتركيه يسبح في عتمة ديجور مؤلمة، كوني منارة طريقه وأنيري طريقه بحبك وحنانك، أنتِ الأم يا عزيزتي، أنتِ التي خلقها الله تفيض بالعاطفة والحُب، تلك ميزتكِ التي وهبكِ الله إياها حتى تبثيها في كل من حولك، وأولى من حولك هم أولادك!

"حسنًا، لكنني أغضب لدرجاته، أشعر بالحرج حينما يسألني أحدهم عن علاماته المدرسية"

قرأت يا عزيزتي المربية في كتاب بعنوان "الذكاء العاطفي في التربية" للدكتورة إيناس فوزي -حفظها الله-

بأنكِ عليكِ أن تفهمي حقيقة شعورك، وحقيقة شعورك هنا هي ليست الغضب، إنه الحرج، الحرج الذي أتى عن قناعة أن الطفل يجب أن يأتي بأعلى العلامات حتى أفخر به وأتباهى به أمام أصدقائي.

وبالطبع تلك قناعة خاطئة، عليكِ التعديل عليها، ابنك ليس وسيلة للتباهي، ابنك يجب أن تفخري به في أي موقف وعلى أية حال، وعليكِ أن تتفهمي أن الناس لن تهتم بتلك الدرجة، ولن تشير إلى ابنك وتذكر علاماته طوال عمره، والعمر بإذن الله طويل أمامك أنتِ وطفلك؛

فتربيتك لطفلك يمكن أن تحمل الخطأ لأنكِ بشر، وطفلك من حقه أن يُخطأ لأنه مازال يتعلم، ودورك كمربية هو حُسن تعليمه، وتقوية نقاط ضعفه وقوته معًا!

فمثلًا الله سبحانه وتعالى فرض تعليم الصلاة من سبع والضرب من عشر، وهنا دورك كمربية أن تُعلمي طفلك طوال الثلاث سنوات الصلاة ليلًا ونهارًا بلا كلل ولا ملل خمس مرات في اليوم، والحديث عن فضلها وتقوية صلته بربه وزرع حبه للقياه لربه أثناء صلاته، وصدقيني إن فعلتي تلك الأمور طوال الثلاث سنوات، لن تحتاجي للضرب في العشر سنوات، لأنكِ أحسنتِ التعليم منذ السبع!

طفلك يحتاج إلى الحُب والرعاية، تلك الروح البريئة لا ذنب لها في أن تؤذي، ذكري نفسك بهذا!

"حسنًا سأفعل ذلك، لكن ابن صديقتي يحصل على علامات ممتازة، لماذا طفلي؟"

في قانون التربية والتعليم على وجهة الخصوص، نتميز بجملة "الفروق الفردية" كل شخص له موهبة، وجانب يصب تركيزه فيه، علكِ لم تكتشفين مواهب ابنكِ بعد، لكنها موجودة فيما كان ما بداخله، ربما هناك ما يمنعها، أو ربما هو خائف من إخراجها، تقربي منه وعانقيه، وستجدي طفلك خفيف الروح، يطير بجناحيه دون توقف في عالم الإبداع!

طفلك ليس غبيًا أو متأخر الذكاء يا عزيزتي، طفلك مُبدع وقوي، لكنكِ لم تكتشفي بعد نقاط إبداعه وقوته.

فقط استغفري الله على تقصيرك في حقه، واستغفري على تعنيفك له، سواء نفسيًا أو جسديًا، وكوني ذات جلد عزيزتي المربية، فالتربية هي أعظم عملية ومسؤولية على وجه الأرض، لذا كوني صبورة، واحمي طفلك، واكسبي ثواب تلك المسؤولية العظيمة.

رعاكِ الله وحفظكِ.

-منة الله محمد

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة