U3F1ZWV6ZTI4MzIwMDE5NjkzNTY5X0ZyZWUxNzg2NjcxNzI3OTEzMA==

الكاتب يسرى عبدالقوى يكتب لغة القوة - جريدة الهرم المصرى نيوز



 بقلم / يسرى عبدالقوى

يعتقد الكثيرون أن ترامب مجنون لأنه يرغب في تهجير سكان قطاع غزة، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير.


كيف نفذت امريكا واحدة من أبشع عمليات التهجير القسري في القرن العشرين دون مبالاة :

أرخبيل تشاغوس

‏في عام 1965، وقعت أعين الولايات المتحدة على منطقة استراتيجية للغاية في المحيط الهندي :

أرخبيل تشاغوس


ولكن مع هناك مشكلتان رئيسيتان تتعلقان بكيفية احتلال هذه المنطقة دون تنديد دولي !!


الاولى كانت ان الجزيرة تابعة لدولة موريشيوس وكانت موريشيوس نفسها تحت السيطرة البريطانية.


فما الذي فعلته أمريكا لحل هذه المشكلة؟


عقدت اتفاقًا سريًا مع بريطانيا وموريشيوس، نصّ على أن تمنح بريطانيا الاستقلال لموريشيوس مقابل تنازلها عن أرخبيل تشاغوس وفي المقابل، تقدم الولايات المتحدة لبريطانيا تقنية عسكرية تحتاجها بشدة، وهي غواصات “بولاريس”.


لم يكن بوسع موريشيوس أن تعلن صراحةً أنها باعت أرضها، فكان الحل أن يخرج رئيسها معلنًا تمسكه بسيادة الأرخبيل، بينما كان في السر قد تم الاتفاق 


أما المشكلة الثانية فكانت أكبر وأخطر:

سكان الأرخبيل، الذين كانوا بالآلاف.


فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تتعامل معهم؟


‏كان تهجيرهم جر//يمة كبرى بموجب القانون الدولي،

ولكن هل كانت أمريكا تخشى القانون الدولي؟ بالطبع لا.


في عهد الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، تم تشكيل لجنة بقيادة الأدميرال الأمريكي جريثام، ومعه الأدميرال البريطاني السير جريتباتش وبدأ الاثنان بتنفيذ خطة مرعبة لتهجير سكان أرخبيل تشاغوس الذين رفضوا طواعية الهجرة !!


ماذا فعلوا؟


أرسلت أمريكا وبريطانيا 30 سفينة حربية إلى شواطئ الأرخبيل، وفرضوا حصارًا اقتصادياً خانقًا على السكان، حيث قطعوا عنهم المياه والكهرباء، والمواد الغذائية ومنعوا وصول اي سفينة اليهم ونشروا آلاف الجنود في كل زاوية وقاموا بعمليات مداهمات يومية لإرهاب السكان

لكن هذا لم يكن سوى بداية الكارثة

تمت مصادرة جميع الثروة الحيوانية والدواجن،، لحرمان السكان من أي مصدر غذائي..


تم تجميعهم قسريًا في الميناء، وأُجبروا على الصعود إلى السفن الحربية البريطانية والأمريكية


لكن لم تكن في انتظارهم حياة جديدة، بل كانت رحلة إلى الموت


تمامًا كما فعل تجار العبيد في القرن الثامن عشر، عندما كانوا ينقلون الأفارقة بالسفن إلى مزارع السكر في أمريكا الوسطى والكاريبي،

، فقد تم نقلهم إلى بريطانيا ودول أخرى، ليجدوا أنفسهم مشردين في الشوارع بلا جنسية ولا مأوى، 


‏وهكذا، وبعد عشر سنوات من أجل الهيمنة والسيطرة، وتحقيق أهدافها تم التضحية بشعب كامل أمام أعين العالم.

وهذا لم يكن في تاريخ بعيد،

بل في عام 1965.


بعد طرد السكان، وإخلاء الأرخبيل منهم بدأت الولايات المتحدة في بناء قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، التي أصبحت واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية، واستخدمت لاحقًا في حروب أفغا//نستان والعراق والخليج.

تضم أكثر من ألفي جندي مشاة، و30 سفينة حربية، ومدرجين للطائرات الحربية، ومنشآت للغواصات المسلحة نوويا، ومحطة للتجسس بالأقمار الصناعية.


تشاغوس..

جريمة تتكرر اليوم في غزة


وما حدث في تشاغوس لم يكن استثناءً، بل هو نموذج متكرر لجرا//ئم التهجير القسري.

و ترامب ليس استثناءً في السياسة الأمريكية، وليس مجرد سمسار مجنون يسعى لتغيير العالم أو إلغاء القضايا التاريخية.

بل هو خير من يمثل حضارة بلده.

إنها حضارة قائمة على الغزو، والنهب، والتهجير، وإبادة السكان الأصليين.

ورغم مرور عقود، لم يحصل سكان تشاغوس على العدالة، ولم تستطع القوانين الدولية إعادة حقوقهم. وهذا يثبت أن القانون وحده لا يكفي، بل القوة والصمود وحدهما يفرضان الإرادة.

اليوم، يريدون أن يجعلوا قطاع غزة نسخة جديدة من أرخبيل تشاغوس.

ويسعون لإنشاء شواطئ، ومناطق سياحية، وقواعد عسكرية، بينما يتم تهجير السكان الأصليين إلى مصر أو الأردن، وربما إلى إندونيسيا والفلبين.


وعندما سُئل ترامب عن شرعية هذا المخطط، أجاب ببساطة:


“نحن قررنا، وسوف ننفذ.”


ولكن، ما الذي يمنع تكرار سيناريو تشاغوس في قطاع غزة؟


الجواب الوحيد:

إن القوة وحدها هي التي تفرض الإرادة، أما البيانات والاستنكارات والشجب، فلا يراها الأمريكيون سوى تسولٍ للحقوق.


هذا العالم لا يحترم المتسولين.


عدونا ليس فقط ذلك الكيان الص//هيوني الهش، بل عدونا الحقيقي هو أمريكا، وتلك الحضارة الغربية التي لا تعرف إلا لغة القوة

الكاتب الصحفي/يسرى الريان

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة